صناعة الفقر ليست مجرد مفهوم وإنما طريقة لاستمرار النظام العالمي على ما هي عليه. كان دونالد ترامب يسير ذات يوم في شوارع نيويورك، لمح متشردًا على الرصيف، فقال لمرافقيه: “أتعلمون؟ هذا الرجل أغنى مني”
تصريح قد يبدو غريبًا من ملياردير، لكنه يعكس حقيقة مثيرة للتأمل: في تلك اللحظة، كان المتشرد لا يملك شيئًا، لكن دونالد كان غارقًا في ديون هائلة. والمفارقة أن المتشرد فقير أما ترامب فغني حسب مفاهيم نظامنا العالمي.
سندردش معا قليلا في هذا المقال عن هذا الموضوع، ونكتشف الأسباب الحقيقة الكامنة وراء صناعة الفقر.

فهل الفقر هو غياب المال فقط؟ أم أن هناك نوعًا آخر، أعمق وأشد وقعًا: فقر الفِكر، وفقر الصحة، وفقر الكرامة؟
هل هناك عدالة اجتماعية؟
لمحاربة الفقر لابد من تحقيق العدالة الاجتماعية، أي أن على الدولة أو المجتمع أن يوفر لأفراده تعليما مجانيا، رعاية صحية وتكافؤ الفرص للولوج إلى سوق الشغل. لكن وللأسف، النظام العالمي الحالي مصمم على تكريس فجوة بين الطبقة الثرية والطبقة الفقيرة. لأن الفرد إن لأنه إن كان معلول الصحة وعدم قدرات تؤهله لعمل كريم سيكون بعيدا كل البعد عن الخروج من دائرة الفقر.
صناعة الفقر… عن قصد أو دون قصد
هناك أسباب كثيرة تكرس على انتشار الفقر وتمكينه منها:
الأنظمة الديكتاتورية تساعد على صناعة الفقر
بكتاب الأمير لميكيافيلى أوصى الحاكم بافقار شعبه ليطيعه. فالفقر سلاح للسيطرة، يستخدمه الساسة بذكاء. حين لا يملك الإنسان قوت يومه، بل سيبحث عن لقمة الخبز، حتى لو كانت مشروطة بالصمت، ولن يمتلك وقتا ليفكر ويطور من نفسه. وهذا ما تتبعه معظم الديكتاتوريات.
“أفقِر شعبك، فيطيعك” ميكيافيلي
السياسة والمصالح وراء صناعة الفقر
كثير من السياسيين، يخدمون أصحاب الأموال ويساهمون في صناعة الفقر.
لنأخذ مثالا، أما بالدول التي تعتبر نفسها ‘ديموقراطية’ فالأمر لا يختلف كثيرا. بما أننا بدأنا بدونالد ترامب (ولا بأس بالحديث عنه، فهو يحب كثيرا أن يكون ببقعة الضوء دائما)، هو شخص طالما دافع عن سياسات قاسية ضد المهاجرين. والأدهى؟ أن العديد من الأثرياء يدعمونه. فالمهاجر المحاصر بالخوف من الترحيل أو فقدان وظيفته سيقبل بأي عمل، بأي أجر، وفي أي ظرف. ومن هنا تستمر عجلة الفقر في الدوران: يستفيد الأغنياء من ضعف الضعفاء، في نظام يقدّس الربح أكثر من الإنسان.
ثقافة الاستهلاك: عصب النظام الرأسمالي
يقوم النظام الرأسمالي على تحفيز وتعظيم ثقافة الاستهلاك، فجزء كبير من شعورنا بالفقر ينبع من عدم قدرتنا على شراء أشياء لسنا بحاجة إليها، بل نتوهم بأننا لسنا قادرين على الاستغناء عنها. تتلقى أيها القارئ كل يوم عشرات، إن لتكن المئات من الإعلانات الممولة تزرع فيك “الحاجة” لأشياء لا تحتاجها: كحذاء رياضي فاخر، هاتف جديد كل سنة وربما نمط حياة “إنستغرامي”. تعتمد الرأسمالية للاستمرار على هذه الرغبات، تُغذيها باستمرار، حتى تظل تعمل وتجري وتنفق.
لا بأس ببعض المتعة. لكن حين تتحول إلى عبودية… تفقد المعنى.
تراكم الثروات بيد 1 في المئة من سكان العالم
حسب تقرير لمؤسسة OXFAM في عام 2023 واحد في المئة من البشر يملكون خمسين من المئة من ثروات العالم، بينما أفقر خمسين في المئة من الكرة الأرضية كلها يملكون أقل من واحد في المئة من ثروات العالم.
للأسف النظام العالمي الآن قائم على هذه الفروقات، فوجود الفقر هو ما يخلق لنا أمثال إيلون ماسك وجيف بيزوس. أنت الآن ترغب بشراء الكثير من أمازون لتعيش نمك الحياة التي تراه بالإعلانات. على سبيل المثال، ستفكر بإنشاء تجارة على موقع أمازون بالذات، لتبيع سلعة ما، لإنشاء هذه التجارة يعطيك جيف بيزوس مساحة على موقعه بشرط أن يأخذ سبعين في المئة من كل قطعة تبيعها. ثم ما كسبته ستشتري به حذاء من نفس الموقع ليذهب إلى جيب بيزوس.
المنافسة بالسوق والرغبة المستمرة في تزايد الأرباح
لنأخذ مثالًا بسيطًا: شركة تُحقّق أربعة ملايين دولار شهريًا.
في الأشهر التالية، ترتفع أرباحها إلى سبعة ملايين وهكذا. لكن في حال انخفضت الأرباح مجددا إلى أربعة ملايين، يُعلن الطوارئ! تُخفض النفقات، تبدأ سياسة التسريح. رغم أن الشركة البداية كانت تحقق نفس الربح، إلا أنها لتظل تنمو وتنافس ستقوم بعملية التقشف وخفض المصاريف، لكن ليس من جيب الإدارة… بل من أجور العمال. كلما أرادت فئة أن تكسب أكثر، غالبًا ما تأخذ من حصة فئة أخرى.
10 عادات لتحقيق الثراء
ربما لم يعجبك كلامي ومن حقك أن ترغب بأن تصبح غنيا وتشتري كل ما تشتهيه، لذلك سأقدم لك ما جمعته من نصائح:
بناء علاقات جديدة: الأثرياء يبحثون دائمًا عن دوائر جديدة، فرص جديدة، وأصدقاء جدد.
68٪ منهم يحبون التعرف على أشخاص جدد، مقابل 11٪ فقط من الفقراء.
تحمّل المسؤولية: الأغنياء يعتقدون أنهم يتحكمون بمصيرهم، بينما 90٪ من الفقراء يلومون القدر.
حب العمل: 85 % من الأغنياء يحبون ما يفعلون، وهذا ما يجعلهم يستمرون.
العناية بالصحة: الغني لا يستهين بصحته، ويمارس الرياضة بانتظام.
الجرأة على المخاطرة: أكثر من نصف الأغنياء يغامرون، بينما 94٪ من الفقراء يخافون المحاولة.
تجنّب تضييع الوقت على التلفزيون: معظم الأغنياء لا يقضون أكثر من ساعة في اليوم أمام التلفاز.
القراءة: 88 % من الأثرياء يقرأون يوميًا لمدة 30 دقيقة على الأقل.
الاستيقاظ مبكرًا: يستيقظون قبل 3 ساعات من بداية يوم العمل للتحضير الذهني والجسدي.
تجنّب العلاقات السامة: 96 % من الفقراء محاطون بطاقات سلبية، بينما الناجحون ينتقون دوائرهم بعناية.
الإنفاق بعقلانية: الأغنياء لا ينفقون أكثر مما يكسبون. لديهم نظام واضح لتوزيع دخلهم.
وأخيرا كيف تختار مهنتك؟
المال يتبع الشغف… أحيانًا.
لكن الأهم أن تجد ما تحبه وتعرف كيف تُتقنه وتُسوّقه.
ابدأ بتحديد قائمة بالأعمال التي تحبها، قيّمها من حيث الرغبة والدخل، وابدأ بالتخطيط.
ولدتَ فقيرًا؟ ليس ذنبك
ليس من العدل أن يُحاسَب الإنسان على ظروف لم يخترها. أن تولد فقيرًا، في بيئة محدودة الموارد، دون تعليم جيد أو رعاية صحية، ليس خطأك. لكن أن تظل فقير العقل، فذلك قرار. أن ترضى بالقيود، أن تُحبس في قفص الاستهلاك، ألا ترى بدائل… هنا تبدأ المسؤولية الفردية.
أعلم ليس من السهل أن تعيش بدخل لا يكفيك
لكن ما دمت تحلم…
ما دمت تحارب فتنة الاستهلاك الزائد..
ما دمت تنمي أفكارك…
مادمت لم يتحكموا بعقلك، فأنت لست فقيرا